- Unknown
- 8:43 ص
- ISLAM
- لاتوجد تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
اللسان من نعم الله العظيمة، ولطائف صنعه العجيبة، فينبغي على كل عاقل بأن لا يستعمله في ما لم يأذن الله به، أي لا يستعمله في ما حُرّم عليه، فمع صغر حجمه، تعظم طاعته وجرمه، فقد يكون سبباً لدخول صاحبه الجنة أو النار، فإن استغله الإنسان في طاعة الله وذكره، سلك به طريق الجنة، وإن استغله في الغيبة والنميمة وقول الزور وغيرها، قاده إلى النار، فما أحرى بالإنسان المسلم أن يصون لسانه عما فيه هلكته وينأى بنفسه عن موارد الهلاك، وإن لزم الأمر أن يحبس لسانه لساعات طويلة.
أخي المسلم: إن الله عز وجل شرفنا باللسان وامتن به علينا، فقد ذكر في القرآن الكريم معددا نعمه علينا، فَقالَ عَزَّ مِنْ قائِلٍ "أَلَمْ نَجْعَلْ لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ" ومن أقل الشكر أن ينظر الإنسان إلى نعمة الله جل وعلا يوم أنطقه، فيستحي من الله أن يسمع منه كلمةً لا ترضيه، ويستحي يوم ينظر إلى الأخرس الذي لا يستطيع أن يعبر عن أشجانه وأحزانه، بينما تفضل الله عليه وأكرمه فأنطق لسانه وأفصح عما يجول في خاطره.
فقد صح في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم "أن معاذ بن جبل رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم".
إن ترك الألسنة تلقي التهم جزافا بدون بينة أو دليل يترك المجال فسيحا لكل من شاء أن يقول ما شاء في أي وقت شاء، ثم يمضي آمنا مطمئنا وكأنه لم يحدث شيئا، لذا أكد الإسلام خطورة الكلمة، فبكلمة أخي المسلم تدخل دين الله، وبكلمة تخرج من دين الله، وبكلمة تنال رضوان الله، وبكلمة تنال سخط الله، وبكلمة تهدم بنيانا له أساس متين، وبكلمة تبني بنيانا من غير أساس. ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم".
أخي المسلم: إن خطر اللسان عظيم ولا نجاة من خطره إلا بالصمت.
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "من صمت نجا"، وقال الصحابي الجليل عبدا لله بن مسعود حيث أمسك لسانه وخاطبه، قائلا يا لسان قل خيرا تغنم واسكت عن الشر تسلم من قبل أن تندم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أكثر خطايا ابن آدم من لسانه".
ومن حصائد الألسنة التي توقع بصاحبها إلى أسفل سافلين، ويجب علينا أن نتنبه لمثل هذه الكلمات التي عاقبتها الدمار والخسران في الدنيا والآخرة وهي:
- الغيبة: وهي ذكرك أخاك المسلم بما يكرهه أي بما يكره قلبه مما فيه؛ سواء كان مما يتعلق ببدنه أو نسَبه أو ثوبه أو داره أو خُلُقه، من خلفه، فلا يجوز أن تذكر المسلم من خلفه بما يكره لو سمع، أما إذا كان في وجهه إن كان فيه إيذاء أيضا فحرام لكن لا يسمى غيبة، الغيبة ما يكون في الخلف، أما لسبب شرعي فتجوز الغيبة كالتحذير من أهل الفساد والضلال والغشاشين.
- النميمة: وهي من معاصي اللسان التي هي من الكبائر، والنميمة هي نقل القول من شخص إلى آخر ومن ذاك الشخص إلى هذا الشخص للإفساد بينهما.
- الكذب: وهو الكلام بخلاف الواقع مع العلم بأنه بخلاف الواقع؛ فالكذب أيضا من معاصي اللسان، وهو الإخبار بخلاف الواقع وهو أن ينفي الشيء الذي هو حاصل أو يثبت الشيء الذي هو غير ثابت وهو يعلم، ولو كان لا يحصل منه ضرر فهو حرام، ولو كان على سبيل المزح، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يصلح الكذب في جد ولا هزل"، أما إن أخبر عن شيء يظنه هكذا فطلع خلاف ذلك ليس عليه معصية، ويجب التحذير والحذر مما يسمونه في بعض البلدان الكذبة البيضاء أو كذبة نيسان فهي حرام أيضاً بالإجماع.
- اليمين الكاذبة: فيحرم الحلف كذبا؛ أي أن يحلف الشخص وهو كاذب وهو يعلم أنه كاذب هذا حرام من الكبائر ويعد يمين غموس، وذكر العلماء سبب تسميته غموساً لأنه يغمس صاحبه في النار أو في الإثم، عبروا مرة بالانغماس في النار، ومرة بالانغماس في الإثم، ولا منافاة ولا تعارض بين العبارتين، لأن الانغماس في الإثم سبب في الانغماس في النار، قال صاحب لسان العرب: واليمين الغموس، التي تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار.
- ألفاظ القذف: وهي كثيرة حاصلها كل كلمة تنسبُ إنسانا أو أحدا من قرابته إلى الزنى فهي قذفٌ لمن نسب إليه والقذف إما أن يكون صريحا مطلقا أو كناية بنية، فالقذف الصريح حرام ولو لم يقصد به القذف، أحيانا الناس يقولون في المزح لفظ القذف ولا يقصدون، ومع ذلك هذا حرام من الكبائر وما أكثر من يقع في القذف في هذا الزمان، أما إن كانت كناية فتكون الكلمة قذفا إن نوى بها نسبة الشخص إلى الزنى، كأن يقول أنت خبيث يريد أنه زان، أما إذا لم يقصد نسبته إلى الزنى فلا يكون قذفا ولكنه حرام، وفي الشرع الإسلامي هذا القذف يترتب عليه الحد بثمانين جلدة.
أخي المسلم هناك آفات أخرى لا مجال لذكرها أسال الله العلي العظيم أن ينفعنا بما علمنا، إنه نعم المولى ونعم النصير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق