- Unknown
- 8:13 ص
- وقائع
- لاتوجد تعليقات
استحلاب السم من العقرب بواسطة التيار الكهربائي
تحفيز ولو بنقطة .🤏 لنستمر في تقديم الأروع والأغرب.
كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة مساءً في يوم من شهر أكتوبر 2020، عندما التقينا "كمال زوام"، وهو رجل أسمر السحنة ذو ملامح منحوتة على شاكلة المصريين القدماء الذين تزين صورُهم جدرانَ المعابد الفرعونية.
ينتظر هذا الرجل الأربعيني حلول فصل الصيف ليمارس مهنته الثانوية العزيزة على قلبه، وهي صيد العقارب السامة في محافظة "الوادي الجديد" بالصحراء الغربية المصرية. يخرج زوام في كل ليلة صيفية بحثًا عن تلك الكائنات من أجل الحصول على أقل من 10 دولارات يوميًا؛ إذ يصطاد 100 عقرب في المتوسط ليبيع الواحد منها بنحو 1.5 جنيه مصري (10 سنتات أميركية). ويساعده هذا المبلغ -على قلته- في توفير مصاريفه اليومية وكسر رتابة مهنته الأساسية، مزارعًا خلال النهار. يتحدث صاحبنا عن العقارب بحب شديد؛ فهو يعرف أماكن وجودها كمن يعرف كفّيه. ينتظر خروجها ليلًا كي يمسك بها بملقاط صغير، ويحرص دائمًا على ألا يصيبها أذى. يُعامِل كلَّ عقرب معاملةَ الصديق الحميم؛ كيف لا وهو يدرّ عليه رزقًا يخفف عنه جزءًا من أزمات الحياة. يمنحُه الطمأنينةَ.. ليمنحه المال. يسمى العقرب علميًا (Scorpiones) وينتمي إلى طائفة العنكبيات (Arachnids)، التي تشمل أيضا العث والقراد والعناكب. ومن الشائع أنه كائن صحراوي، لكنه يعيش أيضا في مناطق جغرافية متنوعة بجميع قارات العالم ما عدا "أنتاركتيكا". والعقرب ليلي النشاط بالأساس، ويتراوح حجمه ما بين 6.35 سنتيمتر و 21 سنتيمترًا؛ ويعيش حياة تدوم من ثلاثة أعوام إلى ثمانية. وقد وُجد على الأرض منذ مئات الملايين من السنين، وعاصر الديناصورات فنجح في معركة البقاء ضمن أصعب اختبار تعرض له كوكبنا، بفضل قدرته الفائقة على التأقلم مع أقسى البيئات مهما كانت درجات حرارتها. لا يحتاج العقرب إلى الغذاء في كل يوم، بل إن بعض أنواعه التي تعيش في الموائل القاحلة قد تبقى بلا أكل وشرب مدة تصل إلى عام كامل. وفي الغالب، يصطاد العقرب وجبةً في كل أسبوعين أو ثلاثة على الأقل، وله قائمة غذاء متنوعة للغاية، رغم أنه يقتات على الحشرات أساسًا؛ وهي ميزة أخرى تفسر قدرته المدهشة على الصمود والبقاء. ولكن للعقرب نقاط ضعف، من بينها حساسيته المفرطة لأشعة الشمس، وحاجته إلى تربة رخوة بوصفه من الكائنات الحفّارة، وكذا تعدد مفترساتِه وتوفر بعضها على مناعة ضد سمه.
وحسب "ويلسون لورينسو"، خبير العقارب لدى "المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي" بباريس، فإن عدد أنواع العقارب المكتشَفة حاليًا يناهز الـ 2200 نوع؛ بعد أن ظل في حدود 250 نوعًا عند نهاية القرن التاسع عشر. ويعود سبب ذلك إلى تنامي الاهتمام بهذه الكائنات عالميًا، وتطور تقنيات البحث العلمي لكشف أسرار "قاتل البشر" هذا الذي يتوارى في الأرض بأعداد لا تُحصى. ويقول ويلسون إن عدد الأنواع التي لها سم قوي بما يكفي لقتل إنسان، لا يتعدى ثلاثين إلى أربعين نوعًا.
على أن للعقرب فائدة مهمة على البيئة، إذ يُسهم في توازن السلسلة الغذائية بكبحه الارتفاعَ المفرط في أعداد الحشرات. أما منافع سمّه.. فتلك قصة أخرى. يكتفي زوام وغيره من صيادي العقارب بتلك الجنيهات ويفرحون بكسبها؛ وهم ربما لا يدركون أن صيدَهم ذاك كنزٌ ثمين يمكن أن يدر على آخرين أموالًا طائلة بفضل ذلك السائل النفيس الذي يخرج من زُبانى (شوكة) العقرب. في 16 مايو 2007، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تقريرًا عنوانُه: "إن كنت تظن أن سعر البنزين مرتفع، فانظر إلى سم العقرب". وذكرت هذه الصحيفة الاقتصادية ذائعة الصيت الارتفاع المطرد لسعر هذا السم، الذي صار يُعرف باسم "الذهب السائل"، إذ يتربع منفردًا على هرم أغلى السوائل في العالم وأندرها على الإطلاق. فربما ستتفاجأ إن عَلمتَ أن سعر قُطيرة واحدة لا يتعدى حجمها حجم حُبيبة سكر يصل إلى 130 دولارًا، وسعر الغالون الواحد (3.8 لتر) 39 مليون دولار!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق