- Unknown
- 4:19 ص
- حقائق ، News
- لاتوجد تعليقات
تاريخ البرنس
عرف العرب سكان المغرب باسم البربر، ولم يعرفونهم بغير هذا الاسم، حيث كانت الصفة معدومة بين الشعبين، إذ أن علاقات العرب التجارية في مرحلة قبل الإسلام، وقفت عند حدود مصر وليبيا، ومن المعتقد أنهم اقتبسوا هذه التسمية من الرمان، فقد أطلقت روما كلمة Barbari على الشعوب الخارجة عن نطاق حضارتها .
وفي القرن الرابع الهجري كانت أنساب البربر قد دونت بالعربية حيث اشتهر عدد من النسابة البربر ، واتخذوا شجرة الأنساب العربية نموذجا فقسموا قبائل البربر إلى: "البرانس" نسبة لجدهم "برنس" - وهم أهل حضارة واستقرار-، و"بتر" نسبة إلى جدهم "مادغيس" الملقب بالأبتر - وهم أهل بداوة وترحال -.
ومن البرانس تفرعت أوربة التي بايعت المولى إدريس بن عبد الله مؤسس الدولة، والذين ينسبون إلى "أورب" بن البرنس، حيث كانوا من القبائل التي لها الكثرة والغلب في عهد الفتح الإسلامي لوفرة عددهم وشدة بأسهم .
وأشار عبد الوهاب بالمنصور أن بقايا "شعب أوربة" ما زالت بناحية تازة (مشيرا إلى قبيلة البرانس) معروفة باسمها الأصلي المعرب "وربة"، وهو ما أشرنا إليه في بحثنا "بربع وربة"، الشيء الذي أدى ببعض الدارسين إلى القول بأن المولى إدريس قد نزل في هذه القبيلة وبالضبط في "وربة"، حيث تمت مبايعته تحت شجرة "البرية" والتي ما زالت قائمة إلى الآن ويعقد بها موسما سنويا إحياء لهذا الحدث . وأشار "Trenga" في معرض حديثه عن آثار القبيلة، أنه توجد بين "كزنانية" وعين "درو"، أثار قصر يمكن أن تكون "لعبد الحميد الأوربي" والد "للالة كنزة" ، الشيء الذي يستدعي مجموعة من الشكوك حول ما جاءت به مجموعة من المصادر التاريخية حول مبايعة المولى إدريس الأول بوليلي، وأن عبد الحميد الأوربي كان يقيم في زرهون عند قدوم المولى إدريس، الأمر الذي يتطلب القيام بأبحاث أثرية بالقبيلة للإجابة عن جوانب غامضة من التاريخ المغربي، ولإعادة الاعتبار للقبيلة التي يحب أهلها من هاجر إليهم.
2-المآثر التاريخية:
توجد بقبيلة البرانس مجموعة من المآثر التاريخية التي ذكرها (TRENGA) و التي مازالت قائمة إلى الآن، و تعتبر شاهدا على تاريخ القبيلة الغني، و أهم المآثر التاريخية المتواجدة في القبيلة:
أ- آثار قصر يمكن أن يكون لعبد الحميد الأوربي والد الأميرة للالة كنزة زوجة إدريس الأول، و يوجد هذا القصر بين "كزناتية"، و "عين درو".
ب-وجود بعض الآثار في باب النقبة (الخندق) بجماعة الطايفة حاليا.
ج- و جود ساقية يبلغ قطرها متر تسمى "ساقية النصارى" بأولاد بكار.
د- وجود آثار كبيرة بالكوزات تسمى عند الأهالى بمدنية "الحضار".
ه- في بني بوعلى (تغرداشت) يوجد نهر تحت الأرض بالقرب منه توجد منحوثات آدمية و حيوانية.
و- وجود بصمة يد بتايناست محفورة على صخرة كبيرة تدعى "حجرة الغولا " و في الاعتقاد الشعبي أن الأجداد وضعوا هذه البصمة ليشروا بها لأسلافهم بوجود معدن كبير تحت هذه الصخرة .
3-المقاومة في قبيلة البرانس:
إن تاريخ المقاومة المغربية بصفة عامة، عبر كافة العصور التاريخية، يعتبر بحق سجلا حافلا بالوقائع و الأحداث و النضالات، التي دونها المغاربة قاطبة بتضحياتهم الزكية و مواقفهم البطولية، معبرين بمختلف شرائحهم عن كل مظاهر التوفيق في اختيار و سائل النضال و انتقاء أسالبيه سياسيا و عسكريا ضد الغزاة الغاشمين، مدافعين بذلك عن المقومات الحضارية للمغرب، و عند حدوده و مقدساته. و إذا كان اهتمام المؤرخين بكتابة تاريخ المقاومة المغربية قد حقق مكتسبات، بذلك عبر إخراج تاريخ جهات مغربية من طي النسيان، فإن جهات أخرى لم تنل نصيبها من هذه العناية، على رغم من أن جل القبائل المغربية كانت مقاومة على حد تعبير الجنرال كيوم " لم تخضع لنا أية قبيلة بكيفية تلقائية، و لم تخضع أية واحدة منها بدون مقاومة، بل إن بعضها لم تخضع إلا بعد استنفاذ كل وسائلها في المقاومة .
و قد ارتأينا و لم بشكل مقتضب المساهمة في التعريف بتاريخ مقاومة، قبيلة البرانس رغم بعض المشاكل التي تعرضت لها، كعدم توحيد صفوفها تحت قيادات عسكرية حقيقية لأن هدف الفرنسيين كان هو منع أي تنسيق أو تعاون بين الزعامات الجهادية بالمجال المحيط أو القريب من تازة ، و عدم توفر أسلحة في نفس مستوى مدفعية و طائرات فرنسا، و دور رجال الاستخبارات الفرنسيين في تهيئ الجو لاحتلال منطقة.
لكن هذه الإكراهات لم تمنع قبيلة البرانس من الانضمام تحت بعض القيادات الخارجية الفاعلة في المقاومة و التحرير.
* انضم البرانس إلى الدعوة الجهادية التي قادها الفقيه، محمد جامي و التي احتشدت في " بومر شد" يوم 16 ماي 1912، حيث تكونت هذه الحركة من 3000 فارس، بالإضافة إلى 6000 من مشاة غياثة و البرانس و التسول و بني وراين و الحيانة ، و شارك البرانس في محاصرة الفرنسيين بفاس، و استمروا في مساندة الفقيه الحجامي في جميع مراحل الجهادية.
* التف البرانس في هذه الفترة حول محمد الغازي الذي انطلقت دعوته من أوساط قبيلة صنهاجة، و بالنظر إلى عدم نجاحه في تشكيل القاعدة البشرية لحركته في هذه القبيلة، فإنه وجد الصدر الرحب لدى البرانس خاصة أهل أوربة (وربة) الذين التفوا حوله، و انطلقوا معه يوم 14 غشت 1914 إلى ضريح سيدي أحمد زروق، المكان الذي سوف تنطلق منه الحركة الجهادية لمولاى محمد الغازي ، تم الانتقال إلى بني افتح و أولاد جرو حيث تمكن مولاى محمد الغازي من تشكيل قاعدة بشرية تكونت من:
1 مائتين من مشاة صنهاجة، بني افتح، أولاد جرو.
2 بعض أهل مكناسة.
3 بعض فرسان مغراوة و أولاد بوريمة.
و رغم تواضع الإمكانات البشرية و المادية تمكن محمد الغازي من تحريك المجال البرنوسي ضد الفرنسيين حيث تمكن من مداهمة القوافل العسكرية الفرنسية المتوجهة نحو "مسون"، ومحاصرة قافلة عسكرية بمعبر "واد أغبال" .
* تمكنت قبائل البرانس بقيادة الزعيم السنقيطي ( هو الحاج محمد بن المامون المزداد سنة 1880 استقر بفاس بعد عودته من الديار المقدسة، حيث قام بأداء فريضة الحج سنة 1910، ينتمي إلى أسرة ماء العينين، استقر بتازة ابتداء من سنة 1913 بمساندة الفرع المحلي للزاوية الدرقاوية، قائد الجهاد في القسم الشمالي من الأطلس المتوسط خاصة بين تازة و فاس، حيث هرب من المدينة منذ دخول المستعمر إليها و هو يباشر تحريض القبائل على الجهاد). من الهجوم على قافلة التمويل بين "واد امليل" و تازة، و قامت بالتصدي لإحدى الفرق العسكرية المتجهة نحو تازة سنة 1914، كل هذا دفع القوات الفرنسية إلى التحرك حيث قام الجنرال "هنري" بتفقد تازة، و قام بتألف حملة عسكرية ضد البرانس .
* هاجم البرانس مع قبائل التسول و غياثة القوات الفرنسية المرابطة بالمنطقة و قتلوا القبطان (le faire) و جرحوا ملازم واحد، و أعادوا الهجوم على قوات العقيد (bulleux )، و الذي انتهى بقتيل واحد، وثمانية جرحى، و تمكن البرنوسبون من مداهمة القوات الفرنسية في مسالك سيدي أحمد زروق و قد وصف العقيد "فوانو" هذه المقاومة بقوله " رغم المقاومة الشديدة التي أبداها العدو، فقد تكمنا من طرده إلى القمم المجاورة، و لم تتمكن قواتنا من احتلال سيدي أحمد زروق إلا بعد عدة ساعات، و عادت فرق المتمردين إلى الهجوم، و ترتب عن ذلك مقتل سبعة، و جرح خمسة عشر" و أمام هذه الخسائر البشرية ألزمت القيادة الفرنسية بزعامة (Henri simon ) بإنشاء مستودع للمؤن بجبل "الحلفة"، و جعله مركزا عسكريا ترابط به القوات الإحتياطة التالية:
1) أربع مجموعات من المشاة
2) مجموعة واحدة من الخيالة.
3) فوج من المدفعية.
و رغم هذه الاحتياطات الأمنية المشدد تمكن البرانس من الانقضاض على القوافل الفرنسية و قتل ثلاثة جنود الشيء الذي أدى ب (Henri simon) إلى إحراق المحاصل الزراعية البرنوسية ما بين 1815 ماي 1915. و قد كان لهذا الفعل أثر كبير على إعلان بعض بطون قبيلة البرانس خضوعها للقوات الفرنسية .
* تحرك بني بوعلى في شهر يونيو 1916، ومعهم جميع بطون قبيلة البرانس، و على إثر ذلك استعجلت القيادة العليا العقيد (Aubert) لمراقبة هذه القبيلة، لكن هذا الأخير، ما إن شرع في هذه المهمة حتى داهمه المقاومون يوم 13 يونيو 1916 بواد الحد، فقتلوا في صفوفه، أربعة عشر و جرحوا ثمانية و عشرين، و نظموا هجموما آخر يوم 26-27 يوليوز 1916 على جبل الحلقة، و كبدوا العدو مقتل ضابط، وجرح خمسة جنود، و بمقابل هذه التحركات الخطيرة للبرانس فإن القيادة العليا بتازة أمدت الجنرال (Charier) بالعتاد الحربي الضروري لإخضاع بني بوعلى في 27 أبريل 1918، و اختراق مجال أهل الواد و السيطرة في 29 أكتوبر 1918 على بوهارون و كهف الغار، و على إثر ذلك اعتبرت منطقة البرانس من ضمن المناطق الخاضعة للسيطرة العسكرية الفرنسية .
- أعلام البرانس:
أ- الأميرة كنزة "الأوربية"
لما حل المولى إدريس بالمغرب الأقصى، قادما من المشرق برفقة مولاه واشد، نزلا عند اسحاق بن محمد بن حميد الأوربي، زعيم قبيلة أوربية أعظم قبائل المغرب وأكثرها عددا وأشدها بأسا وأحدها شوكة ، فاستقبلته هذه القبيلة أحر استقبال فبايعته على الإمارة والقيام بأمرهم وصلواتهم وغزواتهم ، وذلك لنسبه الشريف وبركاته، وزواجه من "كنزة" ابنة الزعيم سنة 174 ه بمهر حدد في 600 دينار ، في ربع وربة، وبالضبط في "جماعة الكوزات" حاليا، حيث ما زالت شجرة "البري" تشهد على عقد قران المولى إدريس بكنزة وما زالت "دار الفرح"، المكان الذي أقامت فيه الأميرة. والتي وصفت بالحسن والحياء وكمال العقل والدين ، وهي التي عايشت المشاكل والمحن، فقد وقفت على مصرع زوجها إدريس الأول، واغتيال خادمها "راشد"، ومقتل والدها .
ورغم الأحداث المؤلمة، صبرت حتى وضعت حملها، فأتم إدريس الثاني المنجزات التي كان قد بدأها والده، وبخنق هذا الأخير أشارت إلى حفيدها الأكبر محمد أن يعين إخوته عمالا على الأقاليم .
لقد ساهمت الأميرة "كنزة" في إنشاء أول دولة قائمة الذات والكيان بالمغرب الأقصى، وبذلك يمكن اعتبارها أعظم امرأة في التاريخ المغربي بصفة عامة، وتاريخ قبيلة البرانس بصفة خاصة.
ب-سيدي أحمد زروق:
مع بداية الربع الأخير من القرن التاسع الهجري بدأ يسطع نجم الشيخ زروق وذلك من خلال مؤلفاته وشروحه ومواقفه تجاه المدارس الصوفية القائمة أنداك، خاصة في المغرب، ولم يسلم من انتقادته حتى فقهاء القرويين، ولسعة علمه نال لقب محتسب الصوفية والعلماء، وأسس مدرسة صوفية جديدة. فمن هو الشيخ أحمد زروق؟ وما هي طريقته؟ ومن أهم أبرز الأشخاص الذين أثروا فيه؟
اسمه ونسبه:
"هو الشيخ العالم المحقق المتصرف الولي العارف بالله وبأحكامه، صاحب المواهب الربانية، والعلوم الدينية، والتصانيف الكثيرة، والرسائل المفيدة والمثيرة، وارث المقام النبوي ومحي شريعته وناصر سنته، إمام الطريقة وناشر ألوية الولاية على سبيل الحقيقة ". أبو العباس أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنوصي، الفاسي، المشتهر بين الناس بزروق، نسبة إلى جده الذي كان أزرق العينين . ينتسب إلى قبيلة البرانس كما جاء في مطلع قصيدته الطويلة في "عيوب النفس" والتي تعرف بقصيدة السلمي:
يقول راجي رحمة الغفار أحمد نجل الخضار
البرنسي الأصل ثم الفاسي المشتهر زروق بين الناس.
ولد بفاس يوم 22 محرم 846/7 يونيو 1442 - تذكر الرواية الشفاهية، أنه ولد في البرانس قبل أن يلتحق بفاس لمتابعة الدراسة بجامع القرويين ، نفس الرأي ذهب إليه "Trenga" الصفحة 399- وقد عرف بذلك بنفسه بقوله "ولدت يوم الخميس طلوع الشمس ثامن وعشرين من محرم سنة ست وأربعين وثمانمائة، وتوفيت أمي يوم السبت بعده، وأبي يوم الثلاثاء بعده، كلاهما في سباعي، فبقيت بعين الله بين جدتي الفقيهة أم البنين، فكلفتني حتى بلغت العشر وحفظت القرآن وتعلمت صناعة الخرز، ثم نقلني الله بعد بلوغي سادس عشر إلى القراءة فقرأت الرسالة على الشيخين ".
ثم خرج من فاس في اتجاه مصر حيث التقى هناك بمجموعة من العلماء والفقهاء الذين أثروا في مسيرته العلمية وخاصة شيخه "الحضرمي" لكن المشاكل التي تعرض لها هناك وخاصة أن أهل مصر لم يستجيبوا لدعوته وطريقته فأشار شيخه الحضرمي عليه بالرجوع إلى المغرب بقوله "إن تربة المغرب طيبة فإذا رجعتم إليها تطيب قلوبهم " ثم عاد إلى المغرب بعد سبع سنوات من الترحال وطلب العلم والتدريس ليصل إلى المغرب ما بين 879 و 880 ه، حيث سيستقر هناك مدة أربع سنوات لكن المصائب والمكائد التي ظلت دائما مرتبصة بالشيخ زروق ادت به مرة أخرى إلى الخروج من بلده في اتجاه بجاية حيث كان له مجموعة من الرفاق والأتباع ، ليلتحق بتونس وبالضبط بمصراته ابتداء من 886 ه حيث توفي هناك سنة 1494م.
-شيوخ زروق:
لقد ذكر "علي فهمي خشيم" مجموعة من العلماء والفقهاء الذين ساهموا في تربية زروق وتطوير فكره وغشاء طريقته، ومنهم:
• أم هاني العبدوسية.
• أبو زكرياء صاحب الظهر.
• أحمد بن عبد الله صاحب الزواوي.
• محمد بن يوسف السنوسي.
• أبو علي الحسن بن منيل المعيلي الذي كان إماما بالمدرسة العنانية ومدرسا بجامع القرويين.
• عبد العزيز الورياغلي.
• أحمد بن سعيد المكناسي.
• أبو العباس أحمد بن العجل الوزروالي (زوج جدة زروق).
• أحمد الفرنسي.
• الفقيه أبو العباس أحمد بن علي بن صالح المعروف بالقبلالي السجلماسي.
• خالد جدته، أم البنين، أبو عبد الله بن محمد بن موسى العبدوسي.
• أبو عبد الله محمد المعروف بابن أملال.
• صرح زروق بأنه كان يأخذ عنه ويصلي خلفه في مدرسة الحلفاويين.
• أبو عبد الله محمد الزيتوني (كان رجلا أعمى من رجال التصوف وشيخ الطريقة الشاذلية بفاس).
- طريقة أحمد زروق:
تعتبر الطريقة الزروقية مزيجا بين الطريقة الشاذلية و الطريقة القادرية، ومنه يقسم زروق كل الأصول إلى خماسيات فيقول وأصول المعاملة خمسة:
• طلب العلم للقيام بالأمر.
• صحبة المشايخ الذين أقامهم الحق سبحانه والإخوان للتبرك.
• ترك الرخص والتأويلات للتحفظ.
• ضبط الأوقات بالأوراد للحضور.
• اتهام النفس في كل شيء للخروج من الهوى والسلامة من العطب والغلط.
ج- محمد بن حمادة السبتي:
"محمد بن حمادة السبتي"، ينتسب إلى قبيلة البرانس، ويعد من رجالات القرن السادس الهجري، يجهل تاريخ ولادته أو مماته، من تلامذة القاضي عياض النجباء، ألف مجموعة من الكتب في الفقه والتاريخ لكنها لسوء الحظ ضاعت ولم يبق منها إلا بعض إلا شارات في بعض المراجع، ومن هذه المؤلفات كتاب "المقتبس في أخبار المغرب وفاس والأندلس" والذي اعتبر مصدرا مهما لمؤرخي العصر الوسيط ("إبن عذاري"، "ابن أبي زرع")، وقد أحال "ابن عذاري" إلى هذا المؤرخ العظيم عند حديثه عن أواخر الخلافة الأموية في الأندلس، وتاريخ المرابطين، أما "ابن أبي زرع" فقد أخد عنه تاريخ الأدارسة، وقد وصفه صاحب "مفاخر البربر" بالشيخ والفقيه والحافظ للتاريخ وأخذ عنه بدوره معلومات مهمة عن الثوار البربر في الأندلس، والمغرب الأقصى وعن أصل تسمية سبتة .
د: أحمد البرنوسي: ولد هذا العالم في قبيلة البرانس، ويعد من رجالات القرن السادس الهجري، قرأ علم الأصول والكلام على يد الشيخ سيدي "ابن حرزهم" مع الشيخ "أبي مدين الغوث"، وتعبد معه في جبل زالغ قرب فاس، فلما ارتحل "أبو مدين" إلى تلمسان بقي أحمد البرنوسي في جبل زالغ يعبد الله ويقرأ القرآن والعلم، إلى أن توفي هناك وما زال ضريحه قائما إلى الآن، حيث جدد السلطان المولى الحسن بناءه، ووسع ابنه المولى عبد العزيز مرافقه، وقد ألف "أحمد البرنوسي" كتابا شرح فيه أسماء الله الحسنى، سماه "الذهب الإبريز والمختصر الوجيز" .
الهوامش:
- سعدون عباس نصر الله، دولة الأدارسة في المغرب، 1987، ص 23.
- ابن خلدون، العبر، الجزء: 6، ص 89.
- الناصري، الاستقصا، الجزء: 1 ص 64 و 65.
- العبر، مرجع سابق ج 6 ص 146.
- العلوي، الباهي، المرأة المغربية عبرالتاريخ، 1988، ص 33.
- Trenga. Les archives Berbères, Publication du comité d"étude Berbères de Rabat, 1915-1916. p: 417.
- أنظر الملحق (الوثيقة 1)
- Les archives, berbères. op – cit. p. 146, 147
- بوعسرية بوشتى، علاقة محمد بن بد الكريم الخطابي مع قواد قبائل الريف 1922-1925 ، مجلة أمل، العدد 8، الطبعة II، 1999، ص 32
- ركوك علال ، مراحل احتلال تازة منذ 1914، ضمن ندوة المقاومة المسلحة و جيش التحرير بمنطقة تازة، ص 97 .
- بوزويتة سمير، مساهمة قبائل البرانس في مقاومة الاستعمار الفرنسي للمغرب (1912-1925) أحال على Deux agitateur. Le ragui et Hajam. Bulletin de l"Afrique Française 18 avril.
- نفس ص 99. أحال على Baumgarten d'opérations (pérides du 20 juin au per sept 1914) Région taza 3H 586.
- تحت إشراف محمد بكوري، مقاومة قبيلة غياتة الاحتلال الفرنسي مجلة ( الذاكرة الوطنية) ع 6، 2004 ص 206
- سمير بوزويتة، مرجع سابق ص 102،
- بوزويتة ، مرجع نفسه ص 103
-نفسه ص 104
- المرأة المغربية عبر التاريخ، مرجع سابق، ص 40.
- علي ابن أبي زرع الفاسي، الأنيس المطرب يروض القرطاس، تحقيق عبد الوهاب بن المنصور، 1999، ص 23.
- المرجع نفسه ص 23.
- المرجع نفسه ص 29.
- المرأة المغربية عبر التاريخ، مرجع سابق، ص 38.
- الأنيس المطرب بروض القرطاس، مرجع سابق ص 29.
- بن عسكر محمد، دوحة الناشر، تحقيق حجي محمد، ص 48.
- الكناش: مخطوط بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم: 1385 ص 58.
- أحمد بابا التنبكتي، نيل الإبتهاج بتطريز الديباج، ج 1، ص 148 ، وقد أحال على كفاية المحتاج.
- علي فهمي خشيم، زروق والزروقية، طرابلس، 1975، ص51.
- المرجع نفسه، ص 51.
- المرجع نفسه، ص 29.
- مجموعة من المؤلفين، معلمة المغرب، ج 4، الرباط، 629/1984، ص 1197، 1198.
- نفسه المرجع، ص 1199.
مرسلة بواسطة DIGITAL ENCYCLOPEDIA في 8:56 ص 0 التعليقات إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة في Twitterالمشاركة في Facebook
التسميات: قبيلة البرانس
الحياة الاجتماعية للبرانس
إن التنظيم الاجتماعي لقبيلة البرانس لا يخرج عن الإطار العام الذي تميزت به التنظيمات القبلية المغربية، لكن الملاحظ أن هذه القبيلة لم تنل حظها من الدراسات والأبحاث التي ناقشت التنظيم الاجتماعي للقبائل، وأمام قلة المصادر والمراجع التي درست القبيلة، اعتمدنا على الرواية الشفوية، وعلى دراسة استخبارية حول القبيلة أنجزت في بداية القرن 20، ومن خلال ذلك اتضح بأن قبيلة البرانس تخضع للتقسيم التالي: كل عائلة تدعى: "أولاد فلان"، أو "الدراري د فلان" وتدعى أيضا "كلسة" ، ومجموعة من "الكلسات" تكون ما يسمى: "بالجماعة" ومجموعة من "الجماعات" تكون "الفخذه" ومجموعة من الفخذات تكون "الربع" ومجموعة من "الأرباع" تشكل أكبر بنية اجتماعية وهي "القبيلة
وبما أن "القبيلة كيان ثقافي يتشبث برموزه وتنظيماته وشعائره وتقاليده " كان لزاما علينا الحديث في هذا المحور عن جوانب من الحياة الاجتماعية لقبيلة البرانس مع ذكر عاداتهم وتقاليدهم في بعض المناسبات.
تتميز العقيقة عند قبيلة البرانس بطابع خاص، فقبل الاحتفال بهذه المناسبة في اليوم السابع بعد الوضع، لابد من ذكر التقاليد والعادات، المرافقة لهذه العملية. فالمرأة في هذه القبيلة تستمر في حياتها الخاصة، حيث تراها تقوم بالأعمال الفلاحية الشاقة، والأعمال المنزلية المختلفة، لا تخضع لأي رعاية خاصة أو حالة استثنائية.
وعند المخاض يتم استدعاء "القابلة" وهي امرأة من الدوار تتميز بتقدير خاص، ولها معرفة بأمور المرأة والولادة اكتسبتها عن طريق التجربة، ولها ثقة كبيرة عند الجميع. وأول ما تقوم به القابلة هو تثبيت حبل في السقف تستعين به المرأة الحامل على الوضع و "مجمر" لتدفئة المكان، وما أن يخرج المولود إلى هذه الدنيا حتى يرش بقليل من الملح حتى لا يمس بالجن ويكون محبوبا عند الجميع، وتنطق الزغاريد في أرجاء المنزل مدوية في أرجاء الدوار محتفية بقدوم مولود ذكر، ويرفع علما أبيضا في السطح، وإذا كان المولود أنثى تختفي الزغاريد وتنكس الأعلام، وهذه النظرة نجدها عند العرب القدامى في الجاهلية فالمرغوب في الحمل هو الولد الذكر، لأنهم قوم عصبية، وحروب ورغبتهم في الذكر مستمدة من طبيعة حياتهم، ولذلك كان العربي في الجاهلية يغضب إذا ولدت زوجته بنتا، وقد يهجرها ، الأمر الذي يمكن أن نطرح معه الأسئلة التالية: هل سكان المغرب الأولون (الأمازيغ) كانت لهم نفس النظرة اتجاه البنت؟ أم أن العرب الحديثين العهد بالإسلام قد نقلوا هذه العادات من بيئتهم واستدمجت في إطارها المغلوط داخل النسيج المجتمعي المغربي؟ أم أن نمط الإنتاج المعتمد على الأرض والذي يتطلب قوة بدنية كان حاسما في هذا التمييز؟.
وكان أول ما يقدم للمرأة عند الوضع هو مرق الدجاج، بحيث تذبح دجاجة إذ كان المولود ذكرا والعكس إذا كان المولود أنثى والهدف من ذلك هو زواجهما . وفي اليوم الثالث بعد الوضع يبدأ قدوم الأقارب والأحباب والجيران الذين يأتون بطابق خاص يدعى "الطجين"، وهو عبارة عن دجاج مع "التريد" وتستمر هذه الزيارات حتى اليوم السابع وهو يوم الاحتفال بالمولود الجديد وإعطائه اسما يستمر معه حتى مماته، وفي هذا اليوم تستدعى السلطة الدينية المتمثلة في الفقيه حيث يؤذن في أذن المولود لكي يشب على الدين الإسلامي الحنيف، ثم يذبح الكبش قائلا: "باسم الله والله أكبر، على اسم فلان" ثم تتعالى زغاريد النساء في حالة مولود ذكر.
ثم تنطلق الاحتفالات بهذه المناسبة السعيدة وتبدأ أفواج المدعوين بالقدوم محملين بالسكر والهدايا. وفي المساء يقام ما يسمى "بالنحيلة"، وهي حفل تضامني نسائي مع الأم ووليدها، وفي الليل يتم استدعاء رجال القبيلة للعشاء، في حفل ديني يحييه الفقيه برفقة "الطلبة" تتلى معه آيات من الذكر الحكيم، وتردد بعض الأمداح النبوية، ثم يفتح المجال لدعوات الفقيه لصاحب البيت وللمولود الجديد.
وعند مرور أربعين يوما من الولادة يتم تحليق رأس المولود الذكر حيث يهدي الأب بالمناسبة نعجة لإبنه، ويحلق رأسه وفق عادة محددة، يقص شعر الجوانب في حين يبقى شعر الوسط بارزا، ويترك له "كرنا" في الجانب الأيسر وتزين أذنه اليسرى "بخرصة" .
ولم يقتصر "البرانس" على احتفالاتهم بالبشر، بل حتى حيواناتهم كانوا يحتفلون بها، فالبقرة عندما تلد كانوا يدعون الفقيه، والجيران لاحتفال بهذا اليوم الذي يسمى "يوم اللبا" .
كانت قبيلة "البرانس" تحتفل بعيد الفطر أو "العيد الصغير" على غرار جميع الدول الإسلامية. ففي الصباح بعد ما يتأنق البرنوسي بأفضل ما لديه من ثياب، يتوجه على المسجد محملا "بالفطور"، ونصيب الفقيه من "الفطرة" التي أخرجها من المنزل عشية يوم العيد، وبعد انتهاء من صلاة العيد، وتناول الفطور بصفة جماعية داخل المسجد، تتم الزيارات بين الأقارب والأحباب، كما أن الرجل الحديث العهد بالزواج لا يترك هذه المناسبة دون الذهاب إلى أهل زوجته محملا باللحم والسكر .
في المساء كان البرانس ينظمون مسابقة في الرماية، ، حيث تعتبر فرصة للتسلية والتنافس، ولكي يكون كل فرد على أهبة الاستعداد إذا تعرضت قبيلة لخطر خارجي .
يتم التحضير لعيد الأضحى، عدة أيام قبل حلوله، وذلك بتسمين الخروف، وشراء اللوازم التي تتطلبها هذه المناسبة (توابل، بخور، ملابس جديدة...) وعشية العيد تحني النساء والفتيات وكذلك أضحية العيد والمواشي، وتطلق البخور في أرجاء المنزل في صبيحة العيد تستيقظ النساء باكرا لتحضير "البغرير" و "المسمن" و "البركوكس" ليحمل إلى المسجد ثم لينهمكن بعد ذلك في تحضير عدة الذبيحة من سكاكين وماء وشعير وملح يقدم للأضحية قبل نحرها. بعد الانتهاء من صلاة العيد يتوجه كل فرد إلى بيته لذبح الأضحية وذلك بحضور جميع أفراد الأسرة، فتتسابق النساء لأخذ قليل من دم الذبيحة لممارسة أغراضهن السحرية، حيث يشير مصطفى واعراب إلى أن دم أضحية العيد يعتبر حصنا تجاه الآثار السحرية المؤذية، وطرد الجن ، وعند الانتهاء من الذبح تعلق الذبيحة في مكان مرتفع ثم تطلق البخور. وتتخذ طريقة الاستفادة من الأضحية طابعا خاصا، في اليوم الأول يتم طهي الكبد و "الدوارة" وفي اليوم الثاني طهي لحم الرأس، أما في اليوم الثالث فيتم التفرغ لباقي الأضحية .
عيد الأضحى فرصة لزيارة الأقارب والأحباب، ومواساة المرضى والعجزة، بل وفرصة لتجاوز الخلافات وعقد الصلح، وفرصة للتسلية والمرح حيث كانت تقام مسرحية بهذه المناسبة تدعى: "أبا الشيخ" أو "بو جلود" يقوم بتشخيصها مجموعة من الشخصيات (أبا الشيخ في دور البطل، وزوجته صونيا، وعبيدة، وبا عبو، ويهودي برفقة أبنائه) .
تحتفل قبيلة البرانس بعيد المولد النبوي كجميع المسلمين عبر العالم، في الصباح الباكر تستيقظ النساء لتضعن أعلاما بيضاء فوق السطوح، وإطلاق الزغاريد وسط القبيلة، ويسمى هذا العلم بـ "اعلام النبي" ثم تتفرغن لتحضير أطباق "الرفيسة" ، أما الرجال فيتوجهن إلى المساجد لأداء صلاة الفجر. وفي اليوم السابع بعد عيد المولد النبوي يقصد "البرنوسيون" المساجد لترديد الأمداح النبوية والاشتراك في "الوزيعة"
مرسلة بواسطة DIGITAL ENCYCLOPEDIA في 8:47 ص 0 التعليقات إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة في Twitterالمشاركة في Facebook
التسميات: قبيلة البرانس
معتقدات البرانس.
معتقدات البرانس.
1- تقديــــــــــم:
بالرغم من توغل العقيدة الإسلامية في المغرب، منذ العهود الإسلامية الأولى، وبالرغم من انتشار عدد من الطرق الدينية ووجود عدد من الزوايا، لم تتمكن الشريعة الإسلامية أن تمحو نهائيا آثار معتقدات السكان القديمة،وان تنال من بعض طقوسهم الوثنية. إلا أنه لا يحب أن لا يفهم من هذا، أن التعاليم الدينية السنية لم تكن معروفة لديهم، بل كانت هناك مجموعة من المساجد قامت بهذه المهمة، لكن ضعف مستواهم الديني والثقافي على ما يبدو جعل "البرانس" يقدسون أشياء ورموزا طبيعية مختلفة، ويعتقدون في الروحانيات التي تتمثل في وجود أرواح الجن في العناصر الطبيعية، مثل العيون والأنهار والأحجار والجبال والأشجار، على غرار أجدادهم الأمازيغ. هذا بالإضافة إلى تعلقهم بالأولياء والأضرحة واعتقادهم في بركاتها وقدرتها على جلب الخير والشر إلى الناس.
2- المعتـقـــــــدات:
أ- الاعتقاد في الأشياء الطبيعية:
كان "البرانس" يعتقدون في كثير من الأشياء الطبيعية. فقد كانت المقبرة، والعيون، والأماكن المرتفعة، ونباتات معينة بالذات محط اعتقاد وتقديس من لدن الأغلبية الساحقة منهم.
فالمقابر يخشونها ويتبرمون من ساكنيها، لذلك كانوا يتحاشون الجلوس أو المرور ليلا بجوارها، لاعتقادهم أن الأرواح التي تسكنها لا تتردد في إنزال الأذى والعقاب بكل من يدوس حرمتها. وهذه العيون والمجاري المائية يخشون المرور بالقرب منها ليلا لاعتقادهم بوجود أرواح تسكنها قد تصيب بمكروه أو بأذى كل من مربجنباتها.
ويعتبر جبل "العلاية" – نسبة إلى امرأة ترقد بهذا الجبل تدعى: "العلاية" – مزارا مفضلا لنساء البرانس لطلب الزواج أو لطلب الأولاد أو لأشياء أخرى. ويختمن زيارتهن للمكان "المقدس" بالاستحمام في عين "للا العلاية" المطلة على ضريح سيدي أحمد زروق، وذبح دجاجة قربانا لوليتهم وتركها هناك.
وتعتبر شجرة الزيتون الوحشي "البري" الشجرة المقدسة بامتياز عند القبيلة، فالمكان المدعو"البرية" والذي يوجد بجماعة الكوزات والذي يمكن الوصول إليه عبر الطريق الوطنية رقم 5431 مرورا بالمركز القروي أحد مسيلة، توجد شجرة من نوع "البري" طاعنة في السن لا يصح في اعتقادهم أن تقطع أغصانها لأن ذلك يسبب العمى، وإن كان هذا المكان يحمل في طياته بعدا تاريخيا عند أهالي المنطقة كما سنبين في حلقات قادمة, من مبايعة المولى إدريس تحت هذه الشجرة وزواجه من كنزة، وأن سيدي أحمد زروق كان يدرس في هذا المكان كما أكد كولان "ولا يزال التراث المحلي يشير إلى الجامع الذي علم به الشيخ وألف زاويته غير بعيد من سوق السبت في وربة" ، فهذا لم يمنع النساء عند انعقاد "لآمة البرية" أو على طول السنة من تعليق تمائمهم وملابسهم الداخلية على غصون هذه الشجرة، حيث يتوجهون إليها متضرعين بقولهم "أللا البرية، أعطيني الأولاد أعطيني الراجل لي يسترني ..." ولم يقتصرن على هذه الشجرة فقط، بل حتى بالقرب من ضريح سيدي أحمد زروق، وجدت النساء من يشفي غليلهن في شجرة "البري" التي ترقد بالقرب منها "البغلة" التي حملت سيدي أحمد زروق إلى هذا المكان عند وفاته بفاس، مشجبا لممارسة طقوسهم السحرية. إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح .ما الشئ الذي جعل من شجرة الزيتون الوحشي(البري)تحتل هذه المكانة الرمزية في القبيلة التي قد تصل إلى مستوى التقديس؟
ب- الاعتقاد في الشرفاء والأولياء والأضرحة:
لم تتمكن الأفكار الوهابية التي عرفت طريقها إلى المغرب مند النصف الثاني من القرن الثامن عشر، من النيل من معتقدات الناس، والتأثير في سلوكهم الديني، وصرفهم عن تقديس الأولياء والأضرحة، رغم الجهود والإرادة التي أبداها السلطان مولاي سليمان في هذا الصدد، والتي كانت تستهدف محاربة البدع، وتجنب المغالاة في المواسم الصوفية، وتطهير الدين مما علق به من الشوائب، والخرافات والأساطير، فقد ظل الناس كما كانوا من قبل، نظرا لسيادة الجهل والأمية، وقلة الإرشاد الديني السليم، وتكريس الطرقيين لتصورات ومعتقدات هي أقرب إلى الوثنية والسحر منها إلى تعاليم الدين الصحيح، يتعلقون بطائفة من الأولياء، والشرفاء، والأضرحة ينسبون إليهم الكثير من الخوارق والمعجزات. وكان هؤلاء، في اعتقاد عامة الناس، نظرا لسموهم الروحي، أو لنسبهم الشريف، يمتلكون قدرات وقوة خفية لا تتوفر في غيرهم من عامة البشر، تمكنهم من التأثير في الطبيعة وتسخيرها، واكتناه الغيب، وجلب الخير أو الشر للبشر. ولذلك كان الناس، يقصدونهم لتلمس البركة، أو لنيل الأدعية، أو للاستعانة بهم لقضاء مآرب دنيوية معينة. كالإستشاف من الأمراض والعاهات، أو لتلمس الدعاء بالإنجاب للدواب والنساء العواقر، أو لدرء كارثة أو بأس معين. فمن هم شرفاء وأولياء القبيلة ؟.
 الشرفاء:
لقد أحيط الشرفاء في تاريخ القبيلة بالتقديس، بحكم انتمائهم إلى أهل البيت، واعتبروا المرجع الأساسي في فض النزاعات بين الأسر والقبائل المجاورة، وعقد الصلح فيما بينهم ومن بين هؤلاء الشرفاء الذين انتشروا في تراب القبيلة.
• أهل وزان ومنهم:
- أولاد الحاج أحمد في "مرتيشة" ببني فتح.
- أولاد الكركاري في "بني بوعلي".
- أولاد الحاج إبراهيم "بأولاد رحمون".
- أولاد محمد بن محمد "أولاد سيدة" بطايفة.
- أولاد محمد بن عبد الله "المعاهدة" بباب المروج.
• أولاد عبد السلام بن امشيش:
- أولاد سيدي الطيب "سيدي بوربيع"
- أولاد سيدي أحمد الحراق "بني بوعلي"
- أولاد عبد الوهاب، "أولاد عيسى" و "بني فتح".
 الأولياء والأضرحة:
إذا كانت مراكش مشهورة "بسبعة رجال"، فالبرانس لهم أيضا رجالهم السبعة الذين يعتقدون في بركاتهم وكرماتهم وهم.
- سيدي أحمد زروق "تيلوان" (الطايفة).
- سيدي عبد الله "أولاد جرو"
- سيدي أحمد بلحدادية "أولاد عيسى"
- سيدي بو يعقوب "الكوزات"
- سيدي عبد الله الخنداق "وربة"
- سيدي عمور الزموري "أولاد حمو"
كان البرنوسي إن أراد تحقيق أحلامه، أو اجتياز بعض مشاكله أن يزور أولياءه السبعة جميعا خلال يوم واحد من الصبح حتى المساء وذلك في يوم عرفة.أما النساء فكان هذا اليوم فرصة لهن لزيارة هذه الأماكن "المقدسة" لممارسة طقوسهن السحرية.
رغم وجود هؤلاء الأولياء يبقى سيدي أحمد زروق و"ضريحه" المتواجد في قرية تيلوان بجماعة الطايفة شمال مدينة تازة على بعد 30 km منها، مزار البرنوسين المفضل سواء القاطنين في القبيلة، أو من هاجروا إلى أماكن مختلفة، حيث يعقدون كل سنة موسما في شهر غشت وذلك للاتصال بسيدي أحمد زروق "ضامن البلاد" و مخلص كل من وقع في ورطة أو مأزق، حيث حيكت مجموعة من الحكايات التي تذكر كيف أن الولي الصالح لا يتردد دائما في انقاد من استنجد به ومن بينها: "في أحد الأيام أراد شخص أن يعبر الواد "لحضر" الذي ارتفع منسوب مياهه، ففقد توازنه داخل الوادي فأوشك على الغرق، فقال يا سيدي أحمد زروق!! فإذا به يسمع وقع حوافر حصان، فأمسك به رجل يلبس ثوبا أبيض، فأخرجه إلى الضفة الأخرى بعدما كاد أن يهلك" سيدي أحمد زروق أكثر أوليائهم بركة وقدرة على الإتيان بالمعجزات والتأثير في الطبيعة، إنه أقدر على جلب الخير والسعادة إلى الناس، له من الكرامات والقوة ما يمكنهم من اقتحام المستحيل حيث قال كولان "وعلى قبره تقسم الإيمان ويأخذ مقدم الطريقة العهود والمواثيق مكتوبة، وإليه يأتي الزراع والرعاة ويدعون الله أن يمن عليهم بحصاد وفير وحمل للأغنام كثير، وإلى شفاعته يتجه الآباء في دعواتهم بأن يرزقوا ولدنا وذكورا"فبعضهم يعد سيدي أحمد زروق بعجل سمين إذا تحقق مراده من الزيارة، وأهل بوهليل عندما يعم القحط أرضهم يتوجهون إلى الضريح محملين بمجموعة من القرابين، عبارة عن مجموعة من الخراف والعجول طلبا لاستسقاء أرضهم وإصلاح زراعتهم، على عكس جيرانهم "الشقارنة" الذين يحيون ليلة صوفية تضرعا إلى الله ليسقي أرضهم وبهيمتهم، وتستمر حتى ساعات متأخرة من الليل. أما النساء فيختلف غرضهن من الزيارة، فمنهن من يزور سيدي أحمد زروق طلبا للزواج، ومنهن من "تضرعت" إلى وليها طلبا للأولاد لـتأمين مستقبلها في بيت الزوجية، ومنهن من سئمت بطش وقهر زوجها فجاءت لـ "ضامن البلاد" ليخلصها من الطاغوت الرجولي.
سيدي أحمد زروق اختزل جميع البركات، و"استبد" بجميع الكرامات، التي يهبها لأهل "قبيلته". فقد نتساءل لماذا توجد ظاهرة "التعواد" في مدينة تازة دون غيرها من المدن المغربية ؟ لكن عندما نعلم أن سيدي أحمد زروق وراء ذلك تسهل الإجابة عن السؤال، فالمرأة التي ترغب في أن تصبح "عوادية" وتستمد هذه البركة أو القدرة الخارقة من وليها، عليها أن تحمل مجموعة من القرابين، وتنام داخل الضريح لمدة سبعة أيام، وإذا استيقظت في الصباح ووجدت يدها ملطخة بالحناء، فذلك إعلانا على أن سيدي أحمد زروق قد مدها ببركاته التي لا تنقطع.
المراجع:
1 اكنينح العربي، آثار التدخل الأجنبي في المغرب على علاقة المخزن بالقبائل .
2 عبد الوهاب بن منصور، قبائل المغرب، ج 1، 1968م 1388هـ.
3 نور الدين الشوح، سيدي أحمد زروق والزروقية، بحث لنيل الإجازة في التاريخ، فاس،
Les archives berbères, publication du comité d’étude4 berbères de rabat, 1915, 1916
مرسلة بواسطة DIGITAL ENCYCLOPEDIA في 7:07 ص 0 التعليقات إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة في Twit
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق