- Unknown
- 6:49 ص
- ISLAM
- لاتوجد تعليقات
نحن اليوم بحاجة لهذه العبادة القلبية العظيمة
وفي عام فتح مكة, ذلك العام الذي أعز الله تعالى به نبيه وصحبه, وهزم الشرك وأذله, مما يستدعي العزة والأنفة والرفعة, كأي فاتح ومنتصر وفائز, ترى النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- في غاية الانكسار والتواضع والذل لله تعالى, لا في قلبه فحسب, بل في جوارحه التي تأثرت بما في القلب من تواضع وانكسار لله تعالى.
فقد ورد في كتب السيرة النبوية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام، وهو واضع رأسه تواضعًا لله، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن ذقنه ليكاد يمس واسطة الرحل، ودخل وهو يقرأ سورة الفتح مستشعرًا بنعمة الفتح وغفران الذنوب، وإفاضة النصر العزيز) السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث 4/78.
كم نحن اليوم بحاجة لهذه العبادة القلبية العظيمة, في وقت تزايدت فيه الكروب وادلهمت فيه الخطوب, وأصبحنا بأمس الحاجة لمن ينقذنا وينتشلنا مما نحن فيه, فأين نحن من الانكسار والتضرع لله تعالى في هذه الأوقات, وأين نحن من هذه العبادة القلبية في ظلمة الليل والسحر, حيث استجابة الدعاء وحلاوة المناجاة.
لقد ذكر لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- حالة فريدة للانكسار والخضوع والذل لله تعالى, ألا وهي حالة السجود, فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)) مسلم / 1/350 برقم 215.
وفي حديث آخر عن رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِي قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي: ((سَلْ)) فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: ((أَوَ غَيْرَ ذَلِكَ؟)) قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قَالَ: ((فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ)) مسلم 2/52 برقم 1122.
فحالة السجود من أكثر الحالات المعبرة ماديا ومعنويا عن الذل والانكسار لله تعالى التي لا ينبغي أن تبذل إلا لله تعالى, فالمسلم لا يذل إلا لله, ولا يسأل حاجته إلا من بيده ملكوت السماوات والأرض.
يقول ابن رجب الحنبلي: واعلم أن سؤالَ اللهِ تعالى دون خلقه هو المتعيّن؛ لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على دفع هذا الضرر، ونيلِ المطلوب، وجلبِ المنافع، ودرء المضارّ، ولا يصلح الذل والافتقار إلا الله وحده، لأنه حقيقة العبادة ( جامع العلوم والحكم 1/ 481 ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق